معاذ نافذ الجعب عضو جديد
عدد المشاركات : 12 تاريخ التسجيل : 03/12/2011
| موضوع: ما قبل الفجر الأربعاء يناير 04, 2012 12:50 pm | |
| د. نافذ سليمان تعرف السياسة بأنها فن الممكن ، والذي يعني أن تكون واقعياً تفهم اللعبة جيداً لا تطالب بالمستحيل ، خذ وأعطي إلى غير ذلك من مترادفات المرونة والواقعية السياسية، والتي أجاد العرب فهمها حتى أصبحوا أساتذة في هذا الفن ، لكني أتساءل هل السياسة عند اليهود هي فن الممكن أم فرض المستحيل – كما يظنه ضعاف القلوب؟لو أن اليهود يؤمنون بالسياسة كما يؤمن بها زعماء العرب لما قامت لهم دولة على الإطلاق، فهل من الممكن قيام دولة لشتات اليهود في العالم المتباينين لغة وثقافة بعد تشريد استمر أكثر من ألفي عام ؟ وأين ستقام هذه الدولة؟ إنها في وسط بحر متلاطم من العرب والمسلمين يمثل اليهود لهم أشد الناس عداوة؟.إن منطق التاريخ بتراكماته السياسية عبر عصور البشرية الطويلة، يؤكد على حقيقة هامة في عالم السياسة والتغيير والتي تنص على أن الإيمان بالهدف والإرادة المحركة والعمل الجاد الدءوب كفيلة بصنع الواقع الجديد و فرض التغيير المنشود.فمن كان يظن أن محمداً (صلى الله عليه وسلم) المهاجر المطارد يعود فاتحاً مكة ويؤسس لدولة الإسلام العالمية؟! أو أن عبد الرحمن الداخل (صقر قريش) يهرب إلى أسبانيا من ملاحقة العباسيين ليؤسس لدولة الأندلس وحضارة غرناطة واشبيلية وقرطاجة، أو أن المملوك قطز يصبح ملك مصر ويهزم التتار الذين لم يصمد أمام زحفهم ملوك المسلمين في وقته، أو أن الشيخ أحمد ياسين المشلول المقعد يمكن أن يؤسس لحركة أصبحت ملء سمع العالم وبصره؟ أو أن الجيش الصهيوني –الذي لا يقهر!!- يمكن أن يهزم على أيدي قلة مجاهدة في قطاع غزة أو جنوب لبنان؟!!.إن هذه الأمثلة وغيرها العشرات بل المئات هي التي صنعت التاريخ الإسلامي والبشري، أما المواقف التي يسميها أصحابها المنهزمون بالواقعية وفن الممكن، فهي لم تزد إلا أن سجلت أسماء أصحابها في القوائم السوداء والنماذج المتهالكة الحمقاء.فهذا أبو عبد الله الصغير-آخر ملوك الأندلس- اشترطت عليه إيزابيل ملكة قشتالة وأسبانيا لكي يحمي ملكه أن يدفع لها الجزية ويرهن ابنه وبعض جنوده لديها، فلما وقع لها على ذلك هاجمته بعد ستة أشهر وأسقطت ملكه، فجلس يبكي على ملكه، فلما رأته أمه قالت له: ابك كما تبكي النساء على ملك لم تحفظه حفظ الرجال!!واليوم يطل علينا أبو عبد الله الصغير في أغلب أقطار العرب والمسلمين، ينادون صباح مساء نعم للشرعية الدولية، نحن مع إستراتيجية السلام وليس لدينا بعد ذلك كلام، وهؤلاء يعتبرون أنفسهم واقعيين معتدلين، وبالنظر إلى حالهم ومآلهم يتبين للمرء أنهم لم يحققوا لشعوبهم إلا المزيد من النكبات والتنازلات، وحينما يفقدون القدرة على حراسة مصالح أعداء الأمة يتم التخلص منهم دون تقدير لجهودهم أو حماية لهم من غضب شعوبهم بل قل ربما أنقلب حلفاء الأمس أعداء اليوم ، والأمثلة كثيرة في هذا المجال: فهذا قائد الثورة العربية الكبرى-كما سميت حينها ظلماً وبهتاناً- الشريف حسين، وعدته بريطانيا بتنصيبه خليفة على العرب بعد هزيمة الدولة العثمانية، فجيش الجيوش لمقاتلة أخوة الإسلام، وبعد أن وضعت الحرب أوزارها، ما كان من بريطانيا وفاء لعهدها معه إلا أن نفته إلى جزيرة قبرص وقدمته للمحاكمة، فأصيب بسكتة دماغية ومات هناك، وما حدث لجيش لحد في جنوب لبنان، وشاه إيران، وغيرهم أدلة كثيرة على المصير الأسود الذي ينتظر أمثال هؤلاء ممن يسمون بالمعتدلين.ولقد فهمت حركة حماس هذه السنة التاريخية وهي أن الحقوق تنتزع ولا توهب ، وأنه لا مستحيل في عالم السياسة، وبمقدار اعتزازك بمبادئك وثباتك على مواقفك يحترمك الخصوم، ويأتون إليك مذعنين، ويتنازلون عن شروطهم حين يتأكدون أنك لن تتنازل عن شروطك.وتجارب حماس كثيرة في هذا المجال، بداية من إيقاف مسلسلات الإبعاد الجماعية حين ثبتت في مرج الزهور ورفضت الذوبان في المجتمع اللبناني وأصرت على العودة، فكان لها ما أرادت، ثم إطلاق سراح الشيخ الشهيد أحمد ياسين بدون شروط حيث رفض التوقيع على أي شرط للإفراج عنه ولو كان الثمن أكل البطيخ –كما قال رحمه الله-.واليوم تتراجع إسرائيل أمام شروط حماس للإفراج عن الجندي الأسير "جلعاد شاليط" دون أن تتنازل حماس عن أي من شروطها، وتلهث إسرائيل وراء حماس عبر الزيارات المكوكية لمسئوليها إلى القاهرة لتحقيق صفقة الإفراج الموعودة.إن هذه التجربة ستثبت للجميع أن إصرار المقاومة وصمودها كفيل بهزيمة اليهود وإذعانهم لطلب ودها والهدنة معها، سيما بعد الانتصار الكبير الذي حققته في الحرب الأخيرة على غزة، وما تبع ذلك من زيارات الوفود الأوربية والعربية ولقاءات المسئولين الغربيين بقيادات حماس في الداخل والخارج، كل ذلك يمثل إرهاصات لفجر جديد ترسمه بنادق المجاهدين وثبات المؤمنين "أليس الصبح بقريب؟!". | |
|